قصة تأسيس ElonMusk لـ SpaceX من أجمل القصص.. خصوصا أن الشركة كانت على وشك إعلان إفلاسها لولا الحظ.. غالبا بسبب أخطاء بشرية كان من الممكن تفاديها بسهولة

الفكرة بدأت بمجرد اهتمامه بالفضاء والمريخ.. ولم تأخذ منحنى جدّي إلى بعد تحقيق إيلون ثروة من بيع حصته في Paypal

إليكم القصة:
بعد استحواذ Ebay على شركة Paypal في 2002 التي كان إيلون يملك حصة كبيرة منها.. حصل ماسك على أقل بقليل من 200 مليون دولار و هو بعمر 32 سنة

و عوضا عن التقاعد المبكر و الاستمتاع بالحياة كما قد يفعل أغلب الناس.. بدء إيلون بالسعي خلف حلمه:

المساهمة بجعل البشرية يعيشون بكوكبين مختلفين
فقرر ضخ 100$ مليون في SpaceX و 70$ في تيسلا.. مع اعترافه أن فرص نجاح كل شركة أقل من 10%

خصوصا أنه في حال نجاحه مع SpaceX فسيقف ضد أكبر اللوبيات وأقوى الشركات تأثيرا في الكونجرس - لوكهيد مارتن و بوينج-

و مع تيسلا سيقف ضد أكبر شركات السيارات التقليدية الأمريكية - فورد وGM وغيرهم-
أول الموظفين في 2002 و أهمهم كانا كريس ثومبسون و توم ميولر.. حيث كان الأول مهندس طيران سابق في بوينج، و مسؤول عن تصميم هياكل قوية و خفيفة الوزن للصواريخ

بينما كان ميولر المسؤول عن هندسة و تصميم محرك الصاروخ الأول في تاريخ سبيس أكس: Falcon 1 ذو المحرك الواحد فقط

(الصورة حديثة)
لإقناع من كان من الصعب إقناعهم، قام إيلون بإيداع راتب سنتين لهم بحساب بنكي منفصل، حيث في حال أفلست و أغلقت الشركة، يحصل هؤلاء على راتب السنتين.. كنوع من الضمان لهم

كما منح أوائل موظفيه أسهم في الشركة تكون لها شروط لتصبح مستحقة لهم بعد عدة سنين.. حيث يرتبط نجاحهم الشخصي بنجاحها
يقول أحد أوائل الموظفين (براين بجلديه): "لم يكن هناك موظف استقبال أو HR، ولا أقفال على مكاتب الشركة.. بدء يومي بمنحي بعض الأوراق التعاقدية، وأخذت مكتب صغير وبدأت مباشرة"

حيث طُلب منه تصميم و اختبار آلية تمنح الجيش الأمريكي التدخل لتدمير صاروخ SpaceX ذاتيا بحال خرج عن السيطرة
علما أنه قبل تأسيس الشركة، كان إيلون قد حاول جذب انتباه الحكومة الأمريكية و وسائل الاعلام لأهمية اكتشاف المريخ..

حيث كانت فكرته هي شراء صاروخ باليستي جاهز و إرساله إلى المريخ مزودا ببعض الأجهزة و تزويدها بكاميرات و روبوتات لاكتشاف الكوكب و معاينة النتائج من كوكب الأرض
فطلب لقاء مسؤولين روس لشراء صواريخ روسية باليستية ليقوم بتعديلها لتستطيع الوصول للمريخ.. لكن الروس طلبوا منه رشاوي للجلوس معه

بعد دفع الرشاوي و عدة اجتماعات في روسيا و مقر SpaceX بلوس أنجلوس، وضع الروس أسعار فلكية (21$ مليون للصاروخ) و ضحكوا عليه لعدم قدرته في الدفع
فقرر بناء صاروخه الخاص.. و أثناء تلك المرحلة قرء إيلون كل ما استطاع الحصول عليه لفهم كيفية عمل و بناء الصواريخ، من الكتب السوفييتية القدسمة إلى كتب مهندسين و علماء الصواريخ

واكتشف لاحقا أن الذهاب للمريخ لن يحصل مهما انجذب لها الإعلام أو الحكومة.. وذلك ببساطة لأن التكاليف فلكية
لهذا كان الحل الوحيد هو تخفيض تكلفة إطلاق الصواريخ بطريقة كبيرة و عدم التخلص من الصواريخ بعد استخدامها.. و الهدف هو معاملة الصواريخ كمعاملة الطائرات التجارية اليوم

حيث أن Lockheed و Boeing كانوا يسيطرون على الغالبية العظمى من العقود الحكومية المتعلقة بالفضاء بمبالغ فلكية
كان الحل الأول إثبات أن SpaceX تستطيع إرسال صاروخ بسيط ذو محرك واحد إلى المدار المنخفض - Lower Orbit- لكوكب الأرض أساسا

لأن العملية معقدة وصعبة جدا لشركة بلا خبرة حيث أن أبسط خلل ممكن يعطل المهمة كاملة.. فبدء الفريق بالتصميم و العمل و كان الهدف أن يكون أول إطلاق في 2003 لكن تأخر
بعد العمل الشاق والتجارب على Falcon-1 الصغير، أصبح الصاروخ جاهز في 2005 أخيرا للإطلاق بعد استيفاء جميع المتطلبات الصعبة للقوة الجوية الأمريكية بقاعدة Vandenberg المختارة، من ضمنها استثمار 7$ مليون فالقاعدة

لكن بالرغم من ذلك، كانت القوة الجوية تماطل بمنح الشركة إذن الإطلاق
بعد الاستفسار، تبين أن هناك صاروخ ضخم يدعى Titan IV يحمل قمر تجسس صناعي للحكومة الأمريكية قيمته مليار $

وتريد القوة الجوية بإطلاقه أولا بسبب احتمالية عدم نجاح صاروخ Falcon 1 العالية مما قد يسبب أضرار بقاعدة الإطلاق ويؤخر إطلاق صاروخ Titan

المشكلة متى يقلع Titan؟ لم يُحدد بعد
شعر إيلون بأنه تم خداعه وغضب لأن باقي الشركات تحصل على تعويض عندما يتم تأخير صواريخها.. بينما شركته يجب أن تنتظر دورها وتتكبد خسائر إلى أجل غير مسمى

لم يُرد الانتظار و بدأ فريقه بالبحث عن قاعدة بديلة، و وجدوها بمنتصف المحيط الهادي: جزيرة كواجلين التي يسكن بها حوالي 1000 شخص فقط
حيث أن الجزيرة كانت أحد مقرات الجيش الأمريكي خلال الحرب العالمية الثانية.. وبعد الحرب تحولت لقاعدة تجربة أسلحة نووية

بعد التواصل مع العقيد المسؤول الذي لم يصدقهم فالبداية، قام بدعوتهم للجزيرة لمعاينة المكان و استقبلهم استقبال حافل حيث كان الجيش يريد أن يغطي جزء من تكلفة القاعدة
فقرر ماسك و فريقه أن الجزيرة مناسبة لإطلاق الصاروخ، خصوصا أن أول عميل لـ SpaceX: الحكومة الماليزية، أرادت إطلاق القمر الصناعي الخاص بها - رزاق سات- وكان مكان الجزيرة أنسب عن قاعدة فاندنبرغ في كاليفورنيا

بدأ الفريق بتفكيك الصاروخ في فاندنبرغ لإرساله إلى القاعدة العسكرية بكواجلين
اضطر عدد من فريق العمل الانتقال بشكل كامل للجزيرة ذات الجو الحار/الرطب، والخدمات المحدودة (فالبداية قبل تدخل إيلون لتحسين الوضع)

لإعادة تركيب الصاروخ وترتيب ما يلزم للإطلاق مجددا

بعد العديد من الأعطال والمشاكل، أصبح Falcon1 جاهز مجددا للإطلاق بمارس 2006، 4 سنوات من تأسيس الشركة
بعد 30 ثانية من الاطلاق، وصل تسريب نفطي للمحرك مما أشعله ودمر الصاروخ ليقع بالبحر ويتحطم كليا

تبيّن لاحقا أن التسريب حصل بسبب غطاء تكلفته 5$ تآكل بسبب رذاذ البحر المالح

وقام إيلون بمواساة فريقه وطلب إطلاق صاروخ آخر بعد 6 شهور، علما أن خطته كانت لتجربة الإطلاق 3 مرات فقط
وقتها قال إيلون: "بعد رؤية صعوبة الوصول للمدار المنخفض، أملك الكثير من الاحترام لمن عملوا عالصواريخ المستخدمة اليوم، SpaceX موجودة للمدى البعيد وسنقوم بالمستحيل للنجاح"

للتخفيف عن فريقه، أمر ماسك أن تغطي الشركة تكلفة أسبوعين إجازة بأي مكان لشخصين لمن أمضى 200 يوم بعيدا عن المنزل
أثناء مراجعة التقرير الخاص بالصاروخ الأول تبيّن أن الغطاء كان أول مشكلة واجهتهم لكن كان هناك مشاكل أكبر كانت ستُفشل الصاروخ، و تمت مراجعتها بعناية أثناء التحضير للإطلاق الثاني.

21 مارس 2007، كان يوم الإطلاق الثاني.

استعد الجميع و بدأ العد التنازلي.. وجميع المؤشرات كانت ممتازة..
وصل الصاروخ تقنيا للفضاء لكن كان انفصال المرحلة الأولى من الصاروخ عن المرحلة الثانية غير سلس، مما دفع المرحلة الثانية للدوران بقوة مما أحرق المحرك و عاد الصاروخ إلى الأرض و تحطم فالمحيط قرب كواجلين.

لكن النتيجة كانت إيجابية جدا خصوصا أن الأهداف تحققت بنسبة 95%، لكنها غير كافية
في الثالث من أغسطس 2008، إنطلق الصاروخ الثالث والذي كان من المتوقع أن يصل للفضاء بلا مشاكل

بعد بداية ممتازة و كالوصول لوقت الانفصال بين المرحلة الاولى والثانية، تسبب عطل بسيط جدا في البرمجة لم يخطر ببال أحد بخلل أربك عملية الانفصال وعطّل صعود الصاروخ لتسحبه الجاذبية ليتحطم مجددا
تحطم الفريق لعدم علمهم إن كانت الشركة ستستمر

كان إيلون قد انفصل للتو عن زوجته، وكانت أزمة 2008 قد أثرت ماليا عليه بقوة.. مما صعب عملية الحصول على تمويل

لكنه جمع فريقه في مقر SpaceX بكاليفورنيا وقال: "صحيح أننا فشلنا ٣ مرات، لكننا نملك بعض قطع الصاروخ الرابع.. أكملوه وسنطلقه"
بعد 8 أسابيع مجنونة.. استطاع الفريق إكمال الصاروخ بسرعة و شحنه إلى كواجلين عن طريق طائرة عسكرية ضخمة

بعد عدة مشاكل أثناء الرحلة كادت أن تودي بأرواح المسافرين بسبب الضغط المتراكم في الصاروخ.. وصل الجميع و الصاروخ بأمان.. و تم تركبين ليتم إطلاقه و تم تحديد التاريخ:

28 سبتمبر 2008
كان في ذلك اليوم سيتم تحديد مصير الشركة
إما أن يذهب تعب 6 سنين وعشرات الملايين من أموال إيلون، أو يتوّج التعب بالنجاح ويكتب لها مستقبل جديد

وإنطلق الصاروخ الرابع بلا مشاكل وصولا للفضاء وتمت عملية الانفصال بنجاح تام.. وختم الرحلة بالوصول للمدار المنخفض ليكتب عمرا جديدا لـSpaceX
بعد ذلك النجاح حصلت الشركة على عقود كبيرة من NASA و العديد من الحكومات و الشركات حول العالم لإرسال أقمارها الصناعية للفضاء

و أكملت الشركة نجاحها بتطوير محركاتها القديمة محركات Raptor المتطورة، تطوير صواريخ ذو الـ9 محركات، إنجاح خاصية الهبوط، و تطوير صاروخ Starship الأسطوري
وصل تقييم SpaceX إلى حوالي 100 مليار دولار، وأصبحت أول شركة خاصة تنقل البشر إلى الفضاء بعد توقيعها عقود ضخمة مع NASA لنقل رواد الفضاء إلى محظة الفضاء الدولية

أصبحت NASA تعطي بعض العقود لشركة ULA الناتجة من دمج Lockheed وBoeing، لكي تبقي خياراتها مفتوحة ولا تكون تحت رحمة SpaceX
علما أن الشركة استطاعت تخفيض تكلفة الاقلاع من حوالي 200 مليون دولار إلى أقل من 60م.. مما دمر سوق الشركات التي كانت مسيطرة على السوق والعقود الحكومية

واعترف أحد كبار مهندسي ULA في محادثة خاصة أن شركته لن تستطيع معادلة أسعار SpaceX أبدا.. لكن تم تسجيل المحادثة واستقال بعدها مباشرة
أعتذر على الإطالة في الموضوع.. استمتعت بالقراءة عنه و استمتعت أكثر بتلخيصه قدر المستطاع .. علما أني تركت الكثير من التفاصيل الممتعة جدا لعدم إطالته أكثر

مصادري هي من هالكتابين الممتازين جدا.. و بعض المقالات التي قرأتها

شكرا للقراءة
You can follow @HamadAlMajidi.
Tip: mention @twtextapp on a Twitter thread with the keyword “unroll” to get a link to it.

Latest Threads Unrolled: