هذِّبْ نفسك. الجدل في الديني واللاديني وتبيان الفوارق بين الحضارات ومرجعياتها عن المسموح والممنوع ورفوف الكتب التي خطت وبها كلمات: الاختلاف والتعايش والاحترام والإنسانية...كل ذلك لا قيمة له ما دامت نفسك لم تُهذّبْ.
هذِّبْ نفسك، ثم تعال لنتحدث عن العقل والعقلانية.
المقصود بتهذيب النفس ليس دينياً البتة، المقصود أن تعرف بنفسك أن هذا خيرًا وهذا شراً دون انتظار نشرات الأخبار ولا مواعظ رجال الدين ولا نصائح على مواقع التواصل.
دون تهذيب النفس ستشقى أنت ويشقى غيرك بسببك.
لماذا أتحدث بتهذيب النفس الآن؟ لأني منهكة، منهكة من هذا الوزر الذي ُيلقى على كل مسلم بعد كل جريمة تُقترف هنا وهناك، منهكة من الشرح ومن محاولة تبرئتنا، هذه المحاولات بحد ذاتها خاطئة لأنها نبذ ذاتي وتحقير لذواتنا والحال أن المجرمين لا نعرفهم، بل عرفنا عنهم من نشرات الأخبار
بعد كل عمل إرهابي يقع، يلتفتون إليك ويشيرون إليك وكأنه عليك أن تثبت أنك بريء ودينك بريء. أنا التي كتبت مقالات بالعشرات دون مبالغة بعد كل عمل إرهابي طيلة عقدين أجدها هباء اليوم. فالورم إنساني يهم البشرية وأنا منهكة من محاولات تبرئتنا الجماعية. الورم يهمّ البشرية لا دينًا بعينه
اليوم سمعتُ سياسيين فرنسيين يستخدمون مصطلحات جديدة: الفاشية الإسلامية، التوحش الإسلامي، أحدهم ذهب أبعد وقال مشيرًا إلى الجماعات الإسلامية "هذا أول احتلال منذ احتلال النازية فرنسا".
هتلر قتل مئات الآلاف ولَم نسمع بمصطلح الفاشية المسيحية
الفاشية الإسلامية!!! هل تستوعبون هذا المصطلح؟ وانعكاساته على ملايين المسلمين؟
مسلم واحد من مجموع ملياريْ مسلم قتل ونصبح كلنا فاشيست؟
وهذا المسلم تونسي، وتلك قصة ثانية كذلك انعكاساتها معلومة.
عن نفسي لا أشعر بالذنب ولن أشعر بالذنب، بل أشعر بالغثيان من هذه الإنسانية التي تُقتل فيها الأرواح كل يوم.
اليوم أُمٌ في كنيسة نيس تركت رسالة لأطفالها وهي تلفظ أنفاسها "أحبكم". أم قتلها مجرم، الرابط بيني وبينه لا شيء. لكن روابط كثيرة بيني وبين تلك السيدة التي أزهقت روحها بشكل بشع
لن أقول إني مسيحية اليوم لأن الضحايا كانوا مؤمنين يصلون في كنيسة. هل سأكون أكثر إقناعًا بإنسانيتي لو تنصلت من ديني الإسلام وتبنيت المسيحية من باب التضامن؟ قطعًا لا. ولا أحب أن يُجبر مسلم على قول ذلك ولا أن يُجبر مسيحي على ترك دينه كذلك تضامناً مع مسلمين يُقتلون كل يوم
بخجل شديد أقول لكم: لقد فشلت في كل كتاباتي عن الاحترام بين الأديان والتعددية، يبدو أن مقاربتي كانت ساذجة ويبدو أن العدو كان في كل مكان ولم أدرسه بشكل كافٍ: التطرف.
التطرف ذلك الإقصاء الدفين في النفس البشرية، يهبّ من اللاوعي في كل مصيبة ويعيدنا إلى تراجيديا قابيل وهابيل.
You can follow @tounsiahourra.
Tip: mention @twtextapp on a Twitter thread with the keyword “unroll” to get a link to it.

Latest Threads Unrolled: