ذكرت سابقا بأن سكان العشوائيات في المدن وهم الفلاحيين الأميين الذين تركوا قراهم البعيدة وذهبوا للمدينة وسكنوا على أطرافها يعتبرون قنبلة موقوتة ضد أي نظام بالدولة، ويحتاجون على الاقل ١٠٠ عام ليندمجون مع المجتمع المدني دون حقد على أهالي المدينة
كيف ؟

سأشرح أمثلة حية وواقعية
لو نبدأ بمثال حديث،

هو أن انضمام السوريين لجبهات الحرب ضد النظام يأتي ضمن مسلسل حقد أهالي الريف على المدن، حيث تمردت هذه القرى والارياف على النظام وحاصرت المدن، وعندما دخلتها نهبت كل شيئ من مستندات وآثار ومعدات مصانع، والسطو على المنازل والمزارع وقطع رؤوس ساكنيها وسبي نساءهم
في الاربعينيات والخمسينيات بدأت هجرة أهالي القرى الايرانيين إلى العاصمة طهران بالملايين وتشكيلهم لعشوائيات بطهران، ورغم أن الشاه بهلوي قام ببناء مناطق سكنية لهم وقام بتوظيفهم ، لكنهم في عام ١٩٧٨شكلوا أولى المجاميع الثورية ضد نظامه، وبعد سقوطه اقتحموا المؤسسات ونهبوها وقتلوا الناس
الثلاثينات وبعد التطور الملحوظ في العاصمة بغداد، بدأت هجرة الفلاحين إليها، وظهرت مشكلة اتخاذهم لصرائف بغداد مسكنا لهم، ورغم أن الملكة حزيمة زوجة الملك فيصل وبالتعاون مع السيدات العراقيات الثريات تقدم لهم المساعدات المالية الضخمة، ولكنهم استمروا في حقدهم الطبقي على أهالي المدينة
الوصي عبدالاله مع نوري السعيد أول من حذروا من خطورة وضع أهالي الصرائف، فكانوا شديدين معهم بالتعامل، وبسبب استمرارهم برمي الصخر على مواكب المسؤولين وكثرة جرائم السرقات التي يقومون بها، فإنه في أحد المرات هدم حي كامل من الاكواخ الطيبينة كعقاب لهم
انقسم برلمان العراق في وضع سكان صرائف بغداد، ومنهم من كان ينظر لهم بعين الرحمة ومنهم من يحذر بخطورتهم على أمن العاصمة

ولكن الملك فيصل الثاني ب١٩٥٣ وهو بعمر١٨ عام حسم الأمر وأخرس الحكومة والمسؤولين المماطلين في وضع أهالي الصرائف، وقرر بناء مساكن لهم رغم احتجاج خاله عبدالاله ونوري
الملك فيصل الثاني بن غازي أعلن أمام مجلس الاعيان بتخصيص مساكن لسكان صرائف بغداد وعمالهم، وكان يمر بموكبه عليهم ويشدد على ضرورة الانتهاء من هذا المشروع لأجل حياة كريمة يعيشها كل العراقيين دون استثناء
البرلمان العراقي كانت ضمن أولوياته دائما وضع سكان الصرائف، ولكن نوري السعيد كان يعطل أي مشروع يفيد فقراء الصرائف
.
نوري وضع أمام الملك والنواب بأن جرائم بغداد وتزعزع الامن ببعض الاماكن سببها الأول هم سكان الصرائف، ورفض الملك كلامه
.
فهل كان نوري السعيد والوصي عبدالاله على حق ؟
سبب كراهية الوصي عبدالاله ونوري السعيد لسكان صرائف بغداد هو بسبب ما قاموا به عام ١٩٤١ عندما استباحوا العاصمة بغداد اثناء انقلاب رشيد الكيلاني بدعم المانيا النازية، إذ قام سكان الصرائف بقتل مئات اليهود والمسلمين في مجزرة الفرهود ونهب أموالهم واحراق العاصمة وسرقة المؤسسات والمحال
في انقلاب تموز ١٩٥٨ قام سكان الصرائف بالتعاون مع الجيش العراقي باقتحام بغداد ومنازل الملك والوصي والمسؤولين وسحلوا جثة نوري السعيد والوصي وقطعوهم جميعا بالسكاكين وأخفوا بعض الجثث بعد رميها بالنهر
في عام ١٩٦٠ قام عبدالكريم قاسم بافتتاح مشروع الملك فيصل الثاني لاسكان سكان الصرائف وأعلن عن انجاز نسبه لنفسه وهي انشاء مدينة لهم سميت ب ( الثورة )
وتم تغيير اسمها حاليا إلى مدينة الصدر بعد عام ٢٠٠٣،
وفي عهد صدام سميت ب ( مدينة صدام )
درس صدام حسين وضع مدينة الثورة جيدا، وقام بتنكيل أبناءها وزجهم بالسجون حتى يتم اخضاعهم
.
وفعليا اعلنت المدينة ولاءها لصدام وكان اهاليها يرفعون صورهم وابنائها يستعرضون عسكريا بشوارعها، وبسبب هذا الولاء العالي غير صدام اسم المنطقة من الثورة إلى مدينة صدام
مدينة الصدر ( الثورة ) مثال حي بأن سكان العشوائيات مستمرين بحقدهم الطبقي على اهالي المدن
.
منها أسس مقتدى الصدر ميليشيا جيش المهدي الطائفي الارهابي،
ولا يزال أهالي المدينة يغتالون العراقيين والناشطين ويشكلون خنجرا مسموما في صدر الدولة
بالامس نموذج من حقد أهالي القرية على المدينة
.
أمس في وسط بيروت قام مجموعة من الهمج بتكسير المحلات وتخريبها في أشهر أحياء بيروت ( السوليدير ) بدعوى أنها تمثل الطبقة البرجوازية على أنقاض الفقراء !
You can follow @edresbodabest.
Tip: mention @twtextapp on a Twitter thread with the keyword “unroll” to get a link to it.

Latest Threads Unrolled: