الفرق بين الصراع في سوريا والصراع في ليبيا
#ليبيا
#سوريا
#تركيا
السلام عليكم ورحمة الله
من المهم فهم طبيعة الصراع الدائر حاليا في ليبيا ومقارنته مع ما يجري في سوريا
هناك نقاط كثيرة ولكن إختصارا للوقت يمكن تناول مسألة الدافعية الاستراتيجية لكل منهما والفرق في هذه الدافعية
أولا الصراع في سوريا: هو صراع وجودي بالأساس لكثير من الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، بشكل يمكن معه القول بأن ما جري في سوريا هي حرب عالمية مصغرة.
سوريا تمثل مركز ثقل الحضارة الغربية وبسقوطها من وجهة نظر الغربيين (أي أن تحكم بنظام إسلامي أو معادي للغرب ومستقل عنه)
تسقط أوروبا وبالتالي تسقط الحضارة الغربية برمتها
الغرب في نظرته لسوريا يستحضر روح الإمبراطورية البيزنطية التي بدأ نجمها في الأفول بشكل واقعي بعد معركة اليرموك عام 15 هجري، والتي دشنت لمرحلة جديدة في النظام الدولي آنذاك وفي التاريخ البشري بشكل عام حتى يومنا هذا
الغرب في صراعه الحضاري مع العالم الإسلامي يدرك جيدا نقاط قوة هذه العالم ونقاط ضعفه من نواحي عديدة ومنه العوامل الجيواستراتيجية، وهنا يمكن بالاستقراء التاريخي معرفة أن مركز ثقل العالم الإسلامي أو قلبه النابض بالعلم والجهاد هو (العراق – الشام – مصر)، ففي هذه المنطقة تم خوض أكثر
أكثر الحروب والمعارك المصيرية والمفصلية في تاريخ الأمة، بالإضافة إلى أنها كانت أصلا قلب العالم القديم ومهد الحضارات، وأكثر منطقة تعرضت للغزو
لذا فإن الصراع في سوريا هو تحالف مقدس للأضداد جمع الأمريكان والأوربيين والروس والإيرانيين والصهاينة وتابعيهم العرب على هدف واحد هو إجهاض
التغيير الجذري في سوريا بأي ثمن حتى لو كان خلخلة محددات العلاقات الدولية والعبث بالأمن القومي لأوروبا وأمريكا من خلال تمكين الروس وحلفائهم في سوريا
ثانيا الصراع في ليبيا: صراع كلاسيكي ينبع من محددات الصراعات التقليدية الدولية المتعارف عليها وهي الرغبة في النفوذ والسيطرة
والاستيلاء على الموارد الطبيعية، (هذا على مستوى العقليات في أمريكا وأوروبا وروسيا) غير أن محور ما يسمى بالثورات المضادة أو الخريف العربي، فتورطه في ليبيا ينبع من محددات أقرب للشخصية منها للسياسية، فليبيا لا تمثل تهديد جدي على الأقل على المديين القريب والمتوسط على الأنظمة
المجاورة لها، كما أن المجتمع الليبي يعد انعكاسا مؤسفا لحالة التشظي والتشرذم السياسي والاجتماعي وربما القيمي الذي تعاني منه الدولة الليبية أو بالأصح شبه الدولة الليبية
ومن المفارقة أن الصراع في ليبيا يستنزف محور الثورات المضادة ماليا واعلاميا وسياسيا دون جدوى حقيقية أو منفعة
تستحق هذه التكاليف من الناحية الجيواستراتيجية ومن ناحية الأمن القومي.
تركيا مدركة الفرق بين طبيعة الصراعين (في سوريا مقارنة بليبيا) وأعتقد أنها نجحت إلى حد كبير حتى الآن في استمالة بعض الدول الغربية المؤثرة ناحية موقفها في ليبيا على الأقل من ناحية فرض الأمر الواقع، لأن هذه الدول
تعرف أن المعركة في ليبيا ليس وجودية بالنسبة لهم، ولذا قد لا يمانعون من تقسيم كعكة الغنائم في ليبيا فيما بينهم مع السماح بالإبقاء على الوضع السياسي للحكومة المعترف بها من جانب الأمم المتحدة، الأمر الذي من شأنه فرملة المحاولات الروسية للعب دور أكبر في ليبيا
مثلما سمحوا لها بلعب دور كبير جدا في سوريا، من ناحية أخرى فإن تدخل روسيا في ليبيا بهذا الشكل رسخ فكرة أن روسيا دولة تنتهج عقلية المرتزقة، فهي لا تقاتل عن مصالح أيديولوجية أو حتى اقتصادية ضرورية في ليبيا، تقاتل لمجرد أن أطرافا أخرى تدفع أموالا طائلة للمرتزقة الروس
وربما لبعض السياسيين الروس الكبار.
الخلاصة: تحالف الأضداد المقدس، متكتل ومتناغم بدرجة كبيرة ضد أي تغيير حقيقي في قلب العالم الإسلامي (العراق – الشام - مصر)
ولكنه يعود للتنافر والصراع في القضايا الأخرى وفي مناطق أخرى، لأنه ببساطة تحالف غرائزي يجمعه كره الإسلام، والخوف من حصول تحولات مستقبلية تدمر منظوماته التي يدير من خلالها العالم

والله تعالى أعلم
You can follow @love_myislam.
Tip: mention @twtextapp on a Twitter thread with the keyword “unroll” to get a link to it.

Latest Threads Unrolled: