تأمل يا صاحبى فى تغير الاحوال تاخد عبرة من حكاية (صباح الخير ) كانت الست روزا تملك مجلة سياسية ناجحة مستقلة عن الاحزاب ومنتشرة بشكل مؤثر فى الحياة العامة ويوفر لها عائد مادى مقبول وفى عام 1956 فكرت توسع مشروعها باضافة مجلة جديدة
ابن الست روزا هو الكاتب احسان عبدالقدوس كان اديبا ذائع الصيت ورواياته واسعة الانتشار كما كان صحافيا لامعا بما كتبه من تحقيقات صحفية حول صفقات الاسلحة الفاسدة واثرها فى حرب 48 فكان لها دوى فى دوائر القصر والسلطة وعززت مكانته عند المناضلين الوطنيين
بالتفكير التقليدى يصبح احسان مرشح أول لرئاسة المجلة الجديدة بسمعته وشطارته النجاح مضمون فضلا عن انه ابن صاحبة المشروع يعنى المال ماله . لكن الست روزا - الف رحمه ونور عليها- كانت تفكر بطريقة مختلفة لا تشغلها المكاسب الماليه وحدها ولا تبحث عن المضمون تميل الى التجريب والمغامرة
كانت رؤيتها للمشروع الجديد ترتكز على رغبتها فى التفاعل نع الاجيال الجيدة التى لم يتشكل وعيها خلال فترة الصراع مع الاحتلال وتفتحت على عالم جديد تزيد فيه قدرة الفنون والآداب على التأثير فى الاجيال الجيدة ولذلك بحثت عمن يترجم رؤيتها هذة الى موضوعات ورسوم
اختارت الست مجموعة شباب من خارج الصفوف التقليدية وكلفت احمد بهاء الدين برئاسة تحرير المجلة وهو يومها كان مساعد نيابة يتقاسم مع زميله فتحى غانم غرفة العمل وكان محمد زكى عبدالقادرينشر له مقالاته التى يرسلها اليه ومن هذة المقالات انتبهت الست له واختارته مش بالصدفة ولا الواسطه
بهذة الخطوة دشنت الست روزا أول قاعدة فى العمل وهى أن الكفاءة هى المعيار الاول فى الاختيار وغامرت بمنح ثقتها للنواة الاولى التى تولت تأسيس المجلة : بهاء وفتحى غانم وحسن فؤاد وعبدالغنى ابوالعنين و صلاح عبدالصبور
بناء على القاعدة الاولى للعمل فتحت ( صباح الخير ) ابوابها لتجارب الشباب وخصت جورج البهجورى بمساحات واسعة وهو طالب بكلية الفنون فتشجع زميله رجائى ونيس ليعرض رسومه ولم يكن فى الدار الا زهدى العدوى من كبار الرسامين حيث خرج صاروخان و عبدالمنعم رخا وعبدالسميع عبدالله
على نفس النهج سار فتحى غانم إذ دخل يوما غرفة التحرير فوجد على مكتب جورج ورقة مرسومه وعرف ان جورج و زميله نسيا اوراقهما او ربما تركاها قبل ان يغادرا المكان اعجب غانم بالصورة وعليها كتب رجائى ( صورة جدى )وبعد أيام فوجئ رجائى بها على غلاف المجلة
ترجم بهاء رؤية الست روزا الى تعريف جوهر المجلة فى جملة صباح الخير مجلة للعقول الشابة والقلوب المتفتحة ومن عنوانها هى دعوة للتفاؤل والاقبال على الحياة وكانت للمشرف الفنى حسن فؤاد رؤيته الخاصة للطابع البصرى المميز بداية من الغلاف أراده ان بكون لوحة فنية جاذبة للانتباه
كانت فكرة حسن فؤاد ان جمهور الفن التشكيلى من الاثرياء القادرين على شراء لوحات تزين بيوتهم وهو يريد ان يصل بالعمل الفنى الى جمهور اوسع يمكنه ان يجد فى غلاف المجلة لوحه يبروزها ويحتفظ بها وبذلك تنتشر قيم الجمال على نطاق اوسع بين الناس
واصل حسن فؤاد نشر الحماس بين الفنانين التشكيلين لفكرته بالمقارنة بين عدد زوار المعارض الفنية وعدد قراء المجلة فكان يقول لوحتك فى المعرض يراها خمسة سته لكنها على الغلاف تصل الى كل قرى ومدن مصر يراها الاف القراء ويتأثرون بها
أاستجاب فنانو التصوير والبورتريه لدعوة حسن فؤاد فظهرت على اغلفة المجلة اعمال جمال كامل ومأمون ويوسف فرنسيس وهبة عنايت وايهاب شاكر وعبدالعال حسن
كان للفنون الجميلة دور محورى فى سياسة تحرير المجلة لا يزين الصفحات فقط وانما يقدم مادة بصرية مستقلة او مكملة للمادة التحريرية و تلازم المحررين والرسامين فى الخروج لاستكشاف انحاء الوطن والعالم خارج مكاتب القاهرة فسافر الرسام رجائى والمحرر مفيد فوزى ستة 62 الى اليابان
كانت المناسبة هى افتتاح اول خط طيران بين القاهرة وطوكيو مباشرة ووجهت شركة مصر للطيران الدعوة للمؤسسات الصحفية وسافر رجائى ومفيد عن المجلة . قام صبرى موسى برحلة للصحراء الغربية وغامر عبدالله الطوخى وحجازى الرسام برحلة فى قارب شراعى من القاهرة الى اسوان
شملت سياسة تحرير المجلة الجديدة مجالات اوسع للكاريكاتير وتوظيفه فى زوايا وابواب اسبوعية خاصة تماثل اعمدة الرأى عند المحررين فظهرت ابواب قهوة النشاط وعنتر وعبلة وقيس وليلى وضحكات مكتبية و وجع دماغ دولى نفذها جميعا صلاح جاهين وقدم حجازى ضحكات منزلية
شغل حجازى كان يقدم لأول مرة صورة العائلة الفقيرة حول الطبلية واهالى الحارة بصورة طبيعية بعيدا عن الاسلوب الرومانسى فى تصوير اولاد البلد لهذا كانت النكته عنده مباشرة لاذعة وجريئة فكان فتحا جديدا فى مسيرة الكاريكاتير المصرى
قبل صباح الخير عرفت الصحافة المصرية الكتابة الساخرة التى تنتقد الاوضاع السياسية والاجتماعية فى كثير من المطبوعات بداية من (ابونظارة)يعقوب صنوع ثم عبدالله النديم وبيرم فى المسلة والبعكوكة والفكاهة وغيرها لكن صباح الخير كانت توليفة مختلفة وضعت الفن والادب على بوصلة احلام المستقبل