بعد مرور عام من تسلق جبل إيڤرست العظيم ، ما الذي تغير ؟
وماهي الأخبار التي لم أذكرها في تلك الرحلة العجيبة؟
وماهي الأخبار التي لم أذكرها في تلك الرحلة العجيبة؟
بدأت تصوير فيلم فور عودتي من الجبل إلا أن فيلم غير جاهز حتى الآن بسبب منع السفر الذي حرمني من التواجد في الهملايا لتصوير ٣٠٪ المتبقية ولكن سيتم تأجيل الفلم حتى نهاية العام.
في يوم المسير نحو القمة ( summit push) تركنا المعسكر الأساسي الذي قضيت فيه معظم أيامي هناك ، وبدأت في تسلق الجبل نحو القمة مروراً بالمخيمات الأربع. الرحلة تستغرق أسبوع تقريباً ذهاباً وعودة.
في هذا اليوم حدث مالم يكن في الحسبان!!
في هذا اليوم حدث مالم يكن في الحسبان!!
بدأت المسير عند ٣ فجرًا عند أخطر منطقة في ايفرست و تسمى kombo icefall ، المكان موحش والصدوع في كل مكان ويجب عليك المسير بدون توقف تجنباً لحدوث إنهيار جليدي (avalanches).
عند الشروق كنت قد وصلت إلى منطقة تشتهر بالانهيارات الثلجية قُبيل مخيم ١ ، سبق وقُتل فيها ١٤ شخص قبل ٣ سنوات ، وكان لزاماً علي حينها المشي بشكل أسرع تجنبًا للخطر !
وفجأة إذ بـ دوّي انفجار قادم من الأعلى ! أين ؟ فوقي مباشرة ! هل يعقل !!
نعم إنهيار جليدي قادم بسرعة..يا لتعاستي.
وفجأة إذ بـ دوّي انفجار قادم من الأعلى ! أين ؟ فوقي مباشرة ! هل يعقل !!
نعم إنهيار جليدي قادم بسرعة..يا لتعاستي.
حينها لم أصدق المشهد .. رفعت رأسي وشاهدت كتل من الجليد والثلج قادمة بسرعة نحو الأسفل وبلا شك سيكون جسدي الذي تدرب كثيرًا في عداد ذلك الركام الذي سيدفنه الإنهيار وسأكون نسيًا منسيا.
تسمّرت في مكاني ، تجمد الدم في عروقي.
تسمّرت في مكاني ، تجمد الدم في عروقي.
لم أستطع مشاهدة الإنهيار وهو قادم ، استدرت وجلست على الأرض وتشهدت!
كل هذا حدث في ثواني معدودة.
فجأة شلال من الثلج ينتشلني من مكاني ، ظلام دامس ، صعوبة في التنفس ولكن حتى الآن أشعر بكل شيء من حولي !! لا مفر سوا الجلوس.
كل هذا حدث في ثواني معدودة.
فجأة شلال من الثلج ينتشلني من مكاني ، ظلام دامس ، صعوبة في التنفس ولكن حتى الآن أشعر بكل شيء من حولي !! لا مفر سوا الجلوس.
دقائق تمر لا أتذكر كم كانت ، الظلام بدأ ينجلي ، الهواء يعود بشكل تدريجي ، أنا على قيد الحياة ! تخيل ..
حينها لم أستوعب ما الذي حدث، أتذكر حينها أنني بكيت .. بكيت كثيرًا! أرجف من شدة شدة الفرح ، أنا حي ..
( أخذت الكاميرا ووثقت اللحظة )
استجمعت قواي وبدأت بتحليل ما حدث !
( أخذت الكاميرا ووثقت اللحظة )
استجمعت قواي وبدأت بتحليل ما حدث !
نسبة أن تعود إلى الحياة بعد انهيار جليدي تكاد تكون معدومة، ولكن شاء الله أن يكون بيني وبين ذلك الإنهيار ( شق كبير ) أسفل الجبل ، ابتلع ٨٥٪ من الجليد والركام على أقل تقدير، و الباقي كان من نصيبي .. يا الله رعب حقيقي لا زلت أتذكره تماما.
المقطع صادم !!
ضع سماعات وشاهد ...
ضع سماعات وشاهد ...
قررت العودة ... خاطبني مباشرة قائد الحملة الذي كان في المعسكر وشاهد الإنهيار من بعيد، وسألني فيما لو كنت قريب أو بعيد من الحدث ، أخبرته أنني ومتسلق ياباني تعرضنا للإنهيار !! جسدي منهك وأرغب في العودة.
العجيب هنا أن فريقنا الذي كان مكون من ١٠ أشخاص انسحبوا جميعا لأسباب متفرقة، أحدهم متسلق برازيلي سقط في أحد الصدوع أثناء رحلة القمة وعاد مباشرة إلى بلادة بصحبة أصدقائه الآخرين.
هنا مقطع السقوط !!!
قائد الحملة كان يعتمد بشكل كلي علي وعلى متسلقة فرنسية أسمها أوريانا رفض انسحابنا وشجعنا للمضي قدمًا، كان يقول : كيف تعود وأنت الوحيد المتبقي ؟ عودتك مخيبة لي وللشركة ولكافة الطاقم الذي عمل لخدمتكم شهر ونصف! عدم وصولك خيبة كبيرة.
(هنا اوريانا)
(هنا اوريانا)
أمر القائد حينها ( دوربا ) المساعد الذي مات لاحقاً في طريق العودة ، بالنزول من مخيم ١ لمساندتي وتشجيعي، دوربا كان السبب في عدم عودتي . كان معي لحظة بلحظة برغم أنني كنت منهكاً وأبكي طوال الوقت بلا توقف حتى وصلت إلى المخيم 2.
بعد مرور يومين في هذا المخيم استعدت قواي و عزمت على المضي نحوا المخيم 3 وتجاوزت صدمة الإنهيار تماماً.
من عجائب الرحلة كذلك هو إصابي بعمى الثلج ( snow blind ) وهذا يحدث عندما تطيل النظر إلى الثلوج من دون لبس نظارة الثلج. حدث هذا في طريق العودة بعد وصول خبر موت المساعد دوربا في طريق النزول. خلعت النظارة وانهمرت بالبكاء (صحت واجد هناك
https://abs.twimg.com/emoji/v2/... draggable="false" alt="😒" title="Unamused face" aria-label="Emoji: Unamused face">)
كان كل شيء على ما يرام حتى وصلت إلى خيمتي في مخيم 2 بعد يومين من وصول القمة. دخلت الخيمة وبدأت ليلة من الجحيم لن أنساها ما حييت، شعرت وكأن شمساً تغلي في عيوني، احمرار كبير ، غبش يعميك عن الرؤية ، ألم حارق عندما أغمض وكذلك عندما أفتح عيناي.
لا حل سوا الصراخ
لا حل سوا الصراخ
كنت أضرب رأسي بشدة من شدة الألم، تخيل أن تكوي عينك بجمرة ! تماماً ذات الألم. مكثت على هذه الحال ١٢ ساعة متواصلة في خيمتي الصغيرة، حتى شروق الشمس.
ومن المتوقع أن غدًا هو يومنا الأخير للوصول الى المعسكر الأساسي ولكن يستحيل على أعمى مثلي ان يواصل المشي او أن يتحرك خطوة
ومن المتوقع أن غدًا هو يومنا الأخير للوصول الى المعسكر الأساسي ولكن يستحيل على أعمى مثلي ان يواصل المشي او أن يتحرك خطوة
كان القرار الصائب هو الإخلاء الطبي ، وفعلاً جائت هالكابتر خلال لحظات وأخلتني من المخيم 2 إلى المعسكر ومن ثم إلى أقرب مستشفى في قرية لوكلا التي تعتبر بوابة الهملايا ومنها إلى مستشفى كبير في العاصمة كاثمندو حيث مكثت يوم ونصف.
من عجائب الرحلة كذلك أنني وجدت سبحة بيضاء في قمة ايفرست! لا أحد يصدق هذا ولكن يشهد الله أنني وجدتها ملقاة على الثلج في قمة العالم ومباشرة أخذتها ولا تزال عندي حتى اليوم.
الدليل (باسانق) كان يعمل في شركة المراعي قبل سنوات عديدة والطريف أنه كان يفضل العمل في قسم (التبريد) على أي قسم آخر !
يقول بأن زملائه كانوا يهربون من التبريد وهو يأتي بألف علّة حتى لا يخرج من الثلاجات
https://abs.twimg.com/emoji/v2/... draggable="false" alt="😂" title="Face with tears of joy" aria-label="Emoji: Face with tears of joy">.
هذا أكلنا بالجبل.
يقول بأن زملائه كانوا يهربون من التبريد وهو يأتي بألف علّة حتى لا يخرج من الثلاجات
هذا أكلنا بالجبل.
في القمة حدث مشهد عجيب صادم! بعد قضاء نصف ساعة هناك ومشاهدة منظر العالم من قمة الأرض رأيت أحد الأدلاء يضرب متسلقة ملقاة على الأرض ترفض النزول! دليلها الشخصي الذي فقد الأمل بإقناعها بالنزول قرر بعد محاولات عديدة تركها في القمة!!
لم أستوعب المشهد! ذهبنا أنا ودليلي الشخصي (باسانق) إلى الفتاة وتحدثنا معها وهي ملقاة محاولةً منا فهم لماذا لا تريد النزول؟ كانت شاخصة البصر، لاتتحدث، متعبة جدًا ولا ترغب في النزول ! قلت في نفسي هي الآن تعاني من مرض Edema القاتل.
وهو مرض من أمراض المرتفعات حيث يتجمع الماء في الدماغ والصدر ويشل حركة الجسد حتى يموت الانسان بشكل تدريجي.
كتّفنا المرأة كمحاولة أخيرة لاقناعها بالنزول ومشينا قليلاً ولكن دون جدوى ! هي لا ترغب في النزول من القمة إطلاقاً.
كتّفنا المرأة كمحاولة أخيرة لاقناعها بالنزول ومشينا قليلاً ولكن دون جدوى ! هي لا ترغب في النزول من القمة إطلاقاً.
كل ظني أنها ماتت !
ولكن قبل شهرين تقريبًا وبالصدفة شاهدت مقطع في اليوتيوب يوثق رحلة فتاة هندية إلى قمة ايفرست في نفس العام. ولم أصدق عيني !!! نعم هي ذات الفتاة التي رفضت النزول من القمة!!!
ولكن قبل شهرين تقريبًا وبالصدفة شاهدت مقطع في اليوتيوب يوثق رحلة فتاة هندية إلى قمة ايفرست في نفس العام. ولم أصدق عيني !!! نعم هي ذات الفتاة التي رفضت النزول من القمة!!!
مباشرة بحثت عن اسمها في instagram وكانت المفاجئة ! نجت بأعجوبة .. ولكن بعدما فقدت أسابع قدمها اليمنى كلها ، وضلت في تعافي لمدة سنة كاملة حتى بدأت تمشي من جديد ..
نكتفي ..
و كل عام وأنتم بخير وتقبل الله طاعاتكم.
و كل عام وأنتم بخير وتقبل الله طاعاتكم.