ناسا أجرت تجربة اكتشفت فيها جسيم غريب للغاية، مرتبط بوجود عالم آخر والصحف الأمريكيّة أنفجرت بالقالات بعد الاكتشاف. قررت أكتب لكم عنه تحت هذه التغريدة.

ببدأ أكتب عنه 1 ليلًا، تجهّزوا.

الثريد بيكون دسم ومليء بالمعلومات العلميّة، وبعض من تأويلاتي الشخصيّة التي سأوضح طبيعتها اللاعلميّة، جهّز قهوتك قبل تبدأ قراءة.

قبل نبدأ نتكلم عن الاكتشاف العلميّ، ضروري نفهم نظريّة تعدد الأكوان. توجد عدّة فرضيّات علميّة لأساس هذه النظريّة، لكن هناك طريقتين للتفكير بتعدد الأكوان/وجود عالم آخر بطريقة علميّة.

الأولى: تعدّد الأبعاد «membranes».
وهي تعتمد على نظريّة الأوتار «String Theory»، حيث أن علماء نظريّة الأوتار تنبّؤوا بأن كوننا الذي نراه «Observable Universe» هو ثلاثي الأبعاد فقط، بينما الحقيقة هي أن الكون الحقيقي له تسعة أبعاد!
وهذا يعطي فرصة لتصوّر أكوان كثيرة بأبعاد أخرى.

تعدّد الأكوان «Many Worlds».
وهي تحت ظلّ فيزياء الكمّ؛ لأننا ما زلنا لا نفهم آلية انهيار الدالية الموجيّة «Wave-Function Collapse» تأسست فرضيّة الأكوان المتعددة التي تتبنّى فكرة (كل حدث ممكن فيزيائيًّا -لا عقلًا- قد حدث/سيحدث بعالم آخر، وتوجد عوالم لامتناهية فيها كل احتمال ممكن)

فإذا افترضنا أنك تقرأ التغريدة هذه الساعة الواحدة وتسع دقائق وسبعة ثوان، توجد نسخ منك قرأته بكل وقت ممكن، وبمزاج مختلف، توجد نسخ منك اعتبرت النظريّة قويّة ورصينة، وتوجد نسخ منك اعتبرتها نظريّة ضعيفة، نسخ سعيدة، ونسخ تعيسة، نسخة صالحة ونسخ فاسدة.

مع هذه الأفكار الواضحة بخصوص الأكوان المتعددة، بإمكاننا اعتبار النظريّة واضحة الآن.
فكرة وجود عوالم أخرى تتناسب مع كل معرفتنا العمليّة، ولكن الأدلّة عقليّة فقط، إلى أن وصلنا إلى اكتشاف جديد مؤخرًا (قد) يغيّر كل ذلك، ويغيّر فهمنا للعالم الذي نراه.

مجموعة من علماء ناسا كانوا يعملون على تجربة في القارة القطبية الجنوبيّة باسم «ANITA»، وهي تجربة للكشف عن الأشعة الكونيّة. وجدت ناسا على جسيمات غريبة، بفيزياء مختلف تمامًا. وجدت رياحًا قويّة لجسيمات عالية الطاقة تأتي من الفضاء الخارجي.

الجسيمات «Tau Neutrinos» هذه عالية الطاقة يمكن اكتشافها وهي تنزل من الفضاء إلى الأرض، لكن فريق ناسا بالتجربة عثروا على الجسيمات ذاتها تخرج للأعلى من الأرض، مما يقترح بأنه من الممكن أن الجسيمات تسافر بالزمن عكسيًا!

هذا الاكتشاف العلميّ كان محيّر جدًّا، والمشرف على التجربة بيتر غورهام (Peter Gorham) كان يقول بأن اكتشاف مثل هذا غريب، لكن ليست المرّة الأولى في القارة القطبيّة الجنوبيّة التي يتم اكتشاف سلوك فيزيائي أشبه بالمستحيل.

بيتر كتب عن التجربة في ورقته بجامعة كورنيل، وصرّح ساخرًا «لم يكن الجميع سعيدًا بهذه الفرضيّة»؛ ويقصد بذلك تفسير وجود عالم آخر، عالم لانراه تم تشكيله عند الانفجار الكبير قبل 13.8 مليار سنة ويجري به الوقت بشكل عكسيّ.

إبراهيم صفا، أحد المسؤولين عن التجربة، عبّر عن انزعاجه من الإعلام الغربيّ لتناقله فكرة أن التجربة تشير قطعًا لوجود عالم آخر، بينما يقول بأن الحدث مثير للاهتمام، وغريب، ولكن قد يكون نتيجة مفاهيم خاطئة عن القارة القطب الجنوبيّة، أو ممكن يكون فهم غير دقيق لفيزياء الـ«Tau Neutrinos»

وهذا يفتح مجال للتحدث عن نظريّة الأثر الرجعيّ «Retrocausal Quantum Theory». الأثر الرجعيّ Retrocausality هو مبدأ يغيّر مفهوم السبب والنتيجة، حيث أن النتيجة تسبق السبب. فالمستقبل يؤثر على الماضي، بدلًا من أن الماضي والحاضر يؤثران على المستقبل.

خارج الإطار العلميّ الدقيق، بإمكاننا تمثيل نظريّة الأثر الرجعي بهذا المثال:
تجربة أجريت، حيث يتم استدعاء 1000 فرد عشوائي لاتربطهم صلة، وطُلِب من الأفراد كتابة جملة واحدة بشكل عشوائي على ورقة. تخيّلوا لو أن 10 أفراد كتبوا «صاعقة رعديّة» وانتهت تجربتهم بعدها.

لو أن الـ10 أفراد جميعهم بسنوات مختلفة بعد التجربة وبمناطق مختلفة تعرّضوا لصاعقة رعديّة، والصاعقة سببت أثرًا قويًّا عليهم (كالألم، الإصابات، إلخ..). توجد 3 تفسيرات ممكنة لهذه الحادثة. الأول هو أنها صدفة. وعلى أن هذا ممكن، لكننا لا ننظر علميًا للـ «الصدفة» على أنها مفسّرة للأحداث.

فمن الممكن تعرّضنا لصدفة، لكن ذلك لا ينفي المسببات. فبإمكاننا استبعاد هذا التفسير لأنه غير كامل.

التفسير الثاني: التخاطر.
لأنهم كتبوا الكلمة، تعرّضوا للصاعقة. على أن كثير من العامّة يؤمنون بهذا التفسير، لكن لا يوجد أي دليل عقليّ، أو علميّ يدعم مبدأ أن التفكير بشيء يؤدي إلى حدوثه (خصوصًا كحادثة طبيعيّة مثل الصاعقة)

والتفسير الثالث، والأقوى: لأنهم تعرّضوا للصاعقة، كتبوا الكلمة!
فلأن الزمن مترابط بطريقة معقّدة، بطريقة تتداخل فيها المسببات مع النتائج، فإنهم تعرّضوا للصاعقة بالمستقبل، وهذا أدّى إلى تأثّر ماضيهم وكتابتهم لهذه الكلمة. وهذه هي فكرة الأثر الرجعيّ. تأثير السبب المستقبليّ على الماضي.

وبالطبع رصانة النظريّة -الأثر الرجعيّ الكمّي- علميًّا جيّدة، لأنها نظريّة تأويليّة -كما هي نظريّة التطوّر- هي تفسير لحقائق متّفق عليها ولا تتبنّى أدلّة منفصلة. ولهذه النظريّة قدرة عالية على تفسير الكثير من التجارب المتعلّقة بفيزياء الكمّ، ومؤيّديها من الفلاسفة والفيزيائيين كثر.

مسلسل Dark سرد لنا أحداث مرتبطة بمفهوم الأثر الرجعيّ، أنصح بمتابعته. وبرضو أنمي Steins Gate مبني على أحداث تعدد الأكوان بمنطلق ميكانيكا الكم، عظيم فعلًا ولا يفوّت.

معظمنا يتبنّى التصوّر التقليدي للزمان، على أنه خط واحد يأتي به سبب ثمّ نتيجة (Cause & Effect)، ويتصوّر الزمان على أنه أشبه بمقطع الفيديو، واللقطات القادمة لم تحدث بعد فقط لأنك لم تدركها إلى الآن.. هذا تصوّر يفشل بتحقيق أي فهم عميق -حتى باستعارة مقطع الفيديو-.

الموضوعيّ هو أن كل لحظة هي منفصلة ومستلقة بذاتها، وعقلنا يراقب الزمان بآلية سرديّة معتمدًا على ذكرياته. لكن علينا فصل تجربتنا النفسيّة من طبيعة الأمر، فأنت ستنام الليلة، هل تعتقد بأنك لم تنم بعد والزمن يسير معاك إلى أن تتخذ قراراتك وتتعرّض لمسببات؟ بالطبع لا.

نفسك التي ستنام اليوم هي الآن تحظى بتجربة النوم بهذه اللحظة كما أنت الآن تحظى بتجربة قراءة التغريدة هذه.
لتسهيل الفكرة أدبيًا؛ الحوادث السيّئة التي مررت بها بحياتك، إلى الآن تمرّ بها، والأحداث الجيّدة التي ستمرّ بها مستقبلًا، أنت الآن تمرّ بها، لكنك لم تدركها بعد.

كل شيء يحدث مع بعضه في لحظته المستقلة، ومازلنا نحتاج بحثًا علميًّا.

أتمنّى أن الثريد كان معقّدًا بالدرجة التي تستحقها الفكرة وواضحًا بالدرجة المرغوبة لكم، شكرًا لقرائتكم.