أخبروني أن الصحة تاجٌ على رؤوس الأصحاء
حتى تيقنتُ أنّ الأهل والأصدقاء نصف تلك الصحة!

الحمدلله الذي منّ عليّ بالشفاء من كورونا بعد أن قضيت ٢٠ يوماً في المستشفى فله الحمد وله الشكر من قبل ومن بعد
(1)
في هذا الثريد لن تجد نصائح، ولا أسباب المرض ولا مصدر المرض
أنا أكتب بصوت كل المرضى الذين سبقتهم في الشفاء لأقول لكم
(رفقًا بالمصابين ..رفقًا بالمصابين .. رفقًا رفقًا بالمصابين)
(2)
بشكلٍ غير منطقي انتشر الفيروس بين أفراد عائلتي، شخصيًا كنت أملك أكثر من نظرية، لكن وقتها لم يكن مهمًا أن أعرف مصدر إصابتنا بقدر ما كان مهمًا أن أعلم أنّ أفراد أسرتي بخير وحالاتهم مستقرة
(3)
خلال تواجدي في الحجر ظهرت الكثير من الشائعات حول مصدر إصابتي، أغربها أني ارتديت خاتمًا لزميلتي القادمة من إيطاليا ومن سوء حظي أنّ هذا الخاتم كان محمّلاً بالفايروس بالرغم أن زميلتي لم تصب !

*اذا أحد يعرف اختبار كورونا للخواتم يعلمنا جزاكم الله خير 🙄
(4)
فور إعلامي بالنتيجة تواصل معي فريق مكافحة العدوى لحصر أسماء جميع المخالطين وأماكن تواجدي تلك الفترة، خاصة أني لم أعلم بمرضي لعدم ظهور أي من أعراض الشائعة كورونا علي !
خلال ٣٠د قام الفريق بالإتصال بجميع مخالطيني وإبلاغهم بضرورة القدوم لإجراء الفحص اللازم لكورونا
(5)
إنهالت عليّ الاتصالات من جميع المخالطين، كان البعض يدعوا لي بالشفاء رغم شعورهم بالخوف والقلق والاضطراب، والبعض الآخر نزع الخوف مابقيَ من إنسانيته وبدأ بلومي وكأن الأمر بيدي أو من إختياري ونتيجة لسوء تصرفي !
(6)
أدركت حينها أنّ المرض وحده لا يؤثر على الصحة لكن بعض الأشخاص مُضرين أكثر من ( كورونا بحدّ ذاتها )
وكيف لي أن أُلام على شيءٍ خفيّ كهذا !
خصوصًا أني لم أبد أيّ أعراضٍ تُذكر ..
لم أعاني من الكحة ولا إرتفاعٍ في الحرارة ولم أشعر بضيق تنفس!
(7)
كان خوفي وتوتري من "ملامة الناس" يفوق خوفي على نفسي من المرض.. يا الله ماذا لو ... أمي أبي .. زوجي وبقية أهلي .. صديقاتي ؟!

اذكر أنّي بكيت "خوفًا" على أحبابي الذين قد أكون سبب إصابتهم
(8)
لا أعلم هل من الطبيعي أني لم أذرف دمعة على نفسي بل شعرت بأني قوية وباستطاعتي التغلب على هذا المرض وكأنّ بكائي على نفسي في ذلك الوقت لم يكن حقًا مشروع.. !
(9)
تقبلت الأمر على مضض .. ها أنا الآن أقبع في غرفة العزل.
الأعراض التي ظهرتلي كانت زكام خفيف، تغيرٌ في الصوت ونوباتٌ من الصداع
وكان هنالك شيء غريب.. كنت أتأفف من طباخي المستشفى، لم لا يضعون الملح في الأكل؟
لحظتها اكتشفت أني لا أستطيع تذوق الأكل!
فقد فقدت حاسة التذوق والشم!
(10)
يبدو أن للمرض جانبًا آخر لم ندركه بعد
في الوقت الذي فقدت فيه بعض حواسي وأترقب نتائج فحوصاتي كان هنالك من فقد إحساسه وإنسانيته ومبادئهُ ضاربًا بخصوصية المريض والأدب والذوق عرض الحائط!
(11)
لم أكمل ٣ ساعات منذ علمتُ بإصابتي حتى انتشرت الشائعات و بدأ الحديث عني يتداول بين معارفي وغير معارفي وفي قروبات الواتساب بشكل خاص.. التي كنت عضوة في بعضها للأسف!
(12)
اتهمتني سيدة لم أقابلها في حياتي قط بأني أخفيت مرضي وأسقطت تلميحاتٍ بأني لم أبلغ مخالطيني وتعمدت نشر المرض !

رغم تكفل الجهات المختصة بحصر المخالطين والتواصل معهم رسميًا كما بُْلغت بأنه لا يصح لي إبلاغ مخالطيني بنفسي حرصاً من المسؤولين على تواصلهم الشخصي مع كل حالة خالطتها
(13)
قدرتُ كثيراً كل شخص هاتفني ليطمئن،
لكن كل رنة اتصال كانت (ومازالت) تجعلني أنتفض من مكاني خوفاً من سماع أخبار سيئة عن أحبابي أو كلامًا موجعًا لتحميلي مسؤولية انتشار المرض (في حال انتقال العدوى عن طريقي لأحد)
(14)
كل من اتصل بي أمطرني بذات السؤال كيف أصبت؟ ولماذا لا تظهر عليك أعراض؟ بشيء من الشفقة أو التهكم!
(15)
وردتني اتصالات كثيرة ومتكررة لسائلين عن أعراضي لم
لمقارنتها بأعراضهم وكأن ٩٣٧ تم استبداله برقم هاتفي
كانت هذه النوعية من المكالمات والأسئلة الهجومية لي ولمن هم في وضعي تُحملنا الكثير من الهموم عوضاً عن التخفيف عن حالنا
(16)
في اتصال، سألتني إحدى المخالطات : كيف يمكنك النوم ليلاً؟
ابتسمت حينها وقلت في نفسي ربما خانها التعبير، رغم أن مقصدها كان واضحًا وضوح الشمس!
وأنا التي لم يزر النوم عيني خوفًا وقلقًا في انتظار نتائج المخالطين وخوفاً على مصابي عائلتي
(17)
أخرى دخلت في نيتي وأخبرتني أنه من الطبيعي أن لا أشعر بالخوف وبهول الفاجعة كوني لستُ أمًا بعد وليس لدي أدنى فكرة عن مشاعرها في حال ثبوت إصابتها بحكم أنّ ليس لدي أطفال وكأنّ مشاعر المرض مقتصرة بشعور الأمومة !
(18)
أخرى هاتفتني تبكي بحرقة بسبب العار الذي لحقها لانتشار إشاعة عنها بأنها شخصت بكورونا معي !
فاستوقفتها سائلة: وإذا فيك كورونا؟ جايبته أنا بطرق غير شرعية؟

آخرين قاموا بإرسال إشاعات لا تعد عن كورونا وقدرته على الفتك بالمصابين فور دخولي للحجر
أكانت تلك الرسائل بمحض الصدفة؟ ربما
(19)
هذا المرض جعلني ألبس قناع (كمام)
لكن تساقطت حولي كثيرٌ من الأقنعة

كل جملة من تلك الجمل كانت كسهام في صدري وسكاكين في ظهري
وكم من مريضٍ يعاني من الأثر النفسي .. لكن لا أحد يدري
(20)
حتى في الضراء .. سراء
تم عزل ٣ من صديقاتي (الملقبات بضحايا ياسمين) لحين خروج نتائجهم. أشعر أني أنانية حين أقول أن وجودهم معي تلك الفترة كان كالبلسم
كان لنا روتينٌ يومي
نبدأه بالحديث عبر سناب شات عن المكالمات والأخبار التي وردتنا من العالم الخارجي حين ذاك
(21)
ونتبادل تجاربنا مع الممرضات والأكل المقدم لنا في المشفى
مارسنا الرياضة.. شاهدنا المسلسلات
ومساءً ننتظر آخر مستجدات خاطفة الدمام
نلعب لودو حتى يحين وقت النوم
ومن الغد يتكرر ذات اليوم ..!

الأيام التي قضيتها مع أخواتي الثلاث كانت أشبه برحلة للخارج
كلي يقين بأن الله ارسلهنّ لي
(22)
لم أشعر بعتبٍ منهن رغم أنهنّ تركنَ ابنائنهنّ وأهاليهنّ لما يقارب اسبوع من الزمن!
أزيدكم من الشعر بيت..

أهل واحدةٍ منهن اتصلوا بي ليخبروني " احنا مو خايفين على بنتنا لأن صحتها زينة ومافيها أعراض، احنا خايفين على بنتنا حبيبتنا ياسمين!"
(23)
زوج صديقتي الثانية حلف يمين أن يطلبلي ذبيحة فور انتهاء هذه الأزمة
وصديقتي الثالثة كل يوم تخطط للخروف المحشي بورق عنب بعد خروجنا من الحجر وكنت أسمع صوت والدتها كل يوم تدعولي وتدعوا لأحبتي

الواحد شيبغى من هالدنيا أكثر من كذا صحبة؟

@i_Dewy @Sarah_Alaqeel @AishaAlwuhaib
(24)
حتى هولاء الثلاث لم يسلمن من القيل والقال
بما لا يدعو للشك مجال .. بعض الناس فيهم مرض عضال
يسيئون لمريض كورونا كأنه جالب للعار .. ينسون أنه من الله اختبار
وأن الله قادرٌ أن يبدل الأحوال
(25)
الحمدلله بعد طول انتظار صديقاتي خرجن ( بنتيجة سلبية) من المستشفى..
شعورهن اختلط بين الفرح والحزن
كنا دعامة لبعضنا
وكأن خروجهن يعني أن أواجه ( وحيدة) هذا الأمر !
(26)
اليوم وبعد ٢٠ يوما قضيتها تغلبت على #كورونا بخسائر بسيطة في الحواس ..
لا أعلم متى سأستردها لكن
ربما للمرة الأولى يكشف لكم أحدهم هذا الجانب الخفي من هذه الجائحة
(27)
أعراض #كورونا ليست مجرد كحه وضيق في التنفس..
بل لو أن الأمر عائد اليّ .. أضفت #التنمر وضيق الأنفس كأحد الأعراض الجانبية للمرض

العارض الأصعب، الذي يترك ندبة تبقى مع المريض للأبد

(28)
عندما تسمعون عن حالة أصيبت او اشتبه بها
تذكروا أن لا أحد في معصم عن الإصابة ولا أحد يريد أن يُصاب أو أن يكون سبب في إصابة غيره
#رفقاً_بالمصابين، اذكروهم في الغيب
فنحن لا نعلم ظروفهم وما يحدث من حولهم
حمانا الله وإياكم ونسأل الله أن يعجل بزوال هذه الغمة عن العالم أجمع
(29)
وقبل أن أختم هذه التجربة ..
أوجه شكري الجزيل لوطني الذي قدم الغالي والنفيس في معركة كورونا لتفوز الإنسانية
أشكر وزارة الصحة @SaudiMOH متمثلة بمنسوبيها جميعا
وأخص بالشكر الجزيل فريق مستشفى جون هوبكنز @JHAHNews
وبالأخص طاقم التمريض لرعايتهم الطبية لي خلال الفترة الماضية
(30)
كيف لشخص واحد أن يكون الطبيب والأخت والأخ والأم والأب
أختي @najla_aldawsari وحدها استطاعت
في الوقت الذي غاب الجميع لظروفهم الصحية والنفسية ظلت هي بالدعاء تلج وبالابتسامة وبالسؤال والتنسيق والسعي وراء صحتنا تحارب
احتوت الجميع ما بين المنزل والمشفى و تفردت بدورها البطولي

(31)
أخيراً
إن لي ولكم أحبابًا ما زالوا بين أروقة الحجر
أسأل الله أن يعجل بشفائهم ويجعل مصابهم كفارة وأجر ..
اذكروهم بدعوة💚

#خلك_بالبيت
#كلنا_مسؤول
#كورونا
#COVID19

..تمت...
أود انوه لكل من أثنى على هذا الثريد
أن الثناء الأكبر يعود لضحيتي @i_Dewy التي اختبرت معي تلك الظروف وعاشتها لتشجعني على إخراج تلك المشاعر في أفكار أعادت هي ترتيبها وتنقيحها لتظهر لكم في هذا الثريد

شكراً ندى لإخراجك المارد من القمقم
You can follow @YasmeenDawsari.
Tip: mention @twtextapp on a Twitter thread with the keyword “unroll” to get a link to it.

Latest Threads Unrolled: