ولازال أكثر سؤال في 2019 لم أجد إجابة واضحة له هو: لماذا قرر "كي تايك" أن يضرب "بارك دونج" بالسكين في فيلم Parasite؟
لدي الكثير لأقوله عن فيلم Parasite، فضفضة داخلية أحملها بقلبي من زمان حول هذا الفيلم، سأضعها كلها في هذا الثريد العابر والبسيط.
تابعت الفيلم منذ أن ادرك النور، عندما تم الإعلان عن عرضه بمهرجان كان. كل شيء حوله جذبني، من صوره إلى البوستر، وحتى إسمه وقصته وطاقمه. كنت أنتظره بشدة وزاد حماسي عليه عندما فاز بالسعفة الذهبية بمهرجان كان.
مضت الأيام، وعدت أسابيع، وصدر الفيلم بجودة واضحة، فركضت فوراً وأنا ممتلىء بالحماس لأشاهده. شاهدته، وتحديداً بتاريخ 15 أغسطس 2019، وحينها أعجبني، ولكن مع بعض التحفظات والإنزعاجات، ولكن عادي مو مشكلة، فيلم حلو وخير على خير، وتمضي الأيام.
ومضت الأيام فعلاً، ونسيت الفيلم، حاله حال العديد من الأفلام، ولكن هذه المرة كان الأمر مغاير. كانت تمضي الأيام وكنت أرى أن الفيلم أصبحت شعبيته تزداد. الأموال العديدة التي أصبح يحققها أزدادت، وكمية الأشخاص حولي الذين بدأوا بمشاهدته أصبحوا كثيرين، وجميعهم كانوا يعجبون بالفيلم.
أنظر حولي، فأرى الجميع منبهر، ومتعجب بالفيلم. هناك من يسموه بالتحفة، وهناك من يعطوه العلامة الكاملة، وهناك من وضعوه من بين أفضل مشاهدات حياتهم. فأصبحت أفكر مع نفسي "لما لست أنت أيضاً مثلهم منبهر ومتعجب بالفيلم؟! يا ترى هل فاتك شيء أم ماذا بالضبط؟".
بقيت أشك بنفسي كثيراً، فمن هم حولي جميعهم أحبوا الفيلم جداً. الجميع يرشحه لأكبر الجوائز، وأنا جالس هنا، أنا الذي رأيته فيلماً جيداً ولا بأس به ولكن "مع بعض التحفظات والإنزعاجات". شعرت بشعور لا أدري كيف أصفه. شعرت أن شيئاً ما فاتني حول الفيلم.
لأكون صريحاً، فأنا شخص أحب أن أعطي أي عمل حقه الكامل، وبحالتي هذه، فأنا حقاً شعرت إني لم أعطي Parasite حقه، وأن شيئاً ما فاتني، لذلك قررت أن أشاهده لمرة ثانية، مع تركيز كامل بكل تفاصيله ورموزه وإسقاطاته ورسائله، فشاهدته فعلاً لمرة ثانية، ولكن للأسف، نفس النتيجة!
فيلم Parasite فيلم ناجح، أكتسب شعبية كبيرة وصعد للقمة، وهذا شيء لا يمكن لأي شخص أن ينكره. فاز بالعديد من الجوائز المهمة وسيفوز بالأوسكار كأفضل أجنبي أو حتى أفضل فيلم! ولكن، وبعد مشاهدتين مني، وبرأيي الشخصي، ففيلم Parasite فيلم جميل، ولكن كما قلت، "مع بعض التحفظات والإنزعاجات".
بدايته لا غبار عليها: بناء الأحداث، تقديم الشخصيات، ذكاء سير الحبكة، الكوميديا، كمية الأحداث الحاصلة والتي لن تشعرك أبداً بالملل، الإسقاطات والإنتقادات العديدة لسوء الطبقية في المجتمع، كلها أمور رائعة وذكية، ولكن كان هنالك تلك القشة التي قصمت ظهر البعير.. "مشهد الحفلة".
أكتشفت أن مشهد الحفلة، وتلك الدقائق، هي التي جعلتني لا أعجب بالفيلم بشكل كامل. الدقائق تلك فقط كانت غريبة وهزلية، ولا أدري هل تعمد المخرج ذلك أم ماذا؟ طريقة التصوير غريبة! والأحداث التي تحصل مضحكة! لماذا تقدم الأب بقتل سيده الذي يعمل عنده؟ وحكم على نفسه العيش في القبو؟
أنا أعرف أن عملية القتل كانت رمزية، ولم تكن طعنة شخصية، أنما كانت للطبقية المقرفة وكيف أنها هي المشكلة الأساسية، وأنها هي من يجب أن تموت. أنا أعرف أن عملية القتل هي جراء تراكمات هائجة عدة من قبل الأب بسبب تصرفات سيده. أعرف كل هذه الأمور، ولكني لازلت غير مقتنع بطريقة تقديم المشهد.
مهما وضعنا من مبررات، فهي جميعها لن تكون مقنعة! أن توصل رسالتك بهذه الطريقة وبهذا القرار، فذلك شيء لم أستطع أن أهضمه وأتقبله أبداً. لازلت أرى أن مشهد الحفلة كان يمكن أن يتحسن أكثر من ذلك بكثير.
الكثيرين سيقولون: هل كل انزعاجك هذا بسبب مشهد الحفلة؟ نعم كل هذا بسبب مشهد الحفلة. تلك الحفلة التي غيرت نظرتي كلها للفيلم، غيرت المود العام للفيلم وكيف أراه وكمية إعجابي به. تلك الحفلة التي كانت عائق بيني وبين إعجابي التام والكامل بالفيلم!
مررت بتعاليق سخيفة عدة صراحة هنا، منها الذي أنتقص من شخصي وذوقي فقط لأني لم أحب الفيلم بشكل كامل، ومنها من راح ينعتني بكلماتٍ لا داعي لها، ومنها من ذهب بالأنتقاص قائلا أن المخرج "بونج جون هو" يصرخ بالزاوية الآن بسببي والخ!
المخرج "بونج جون هو" أعرفه وأعرف مسيرته وثيمة أفلامه أكثر من نصف من شاهدوا الفيلم، وهذا ليس بتكبر، إنما كلام يجب أن يقال. شاهدت كل أفلامه وأعرفه كمخرج من فترة طويلة، وفيلمه Parasite هذا شاهدته مرتين وبتمعن شديد، ولكن لازلت رغم كل ذلك منزعج من مشهد الحفلة!
أنت هنا يجب أن تعرف إني لا أحاول أن أسير بمعتقد "خالف تعرف"، ولا أحاول أن أنتقد عمل مشهور أحبه الأغلبية فقط من أجل أن أظهر نفسي بالفهيم صاحب الذوق المغاير العميق وصاحب النظرة الثاقبة. ليست هذه نيتي ولم تكن أصلاً. بالعكس، حاولت جاهداً أن أُعجب بالفيلم كاملاً مثل الأغلبية، ولكن 🤷🏻‍♂️
في آخر الكلام، وللأسف الشديد، نحن العرب سنبقى دوماً ذلك الشعب الذي ينتقص من قيمة شخص ما فقط لأنه لم يحب ما نحب ولم يتماشى مع ما نتماشى به نحن، أما عن فيلم Parasite، فهو سيكون بالنسبة لي ذلك الفيلم القوي، الذي تم تدميره بسبب حفلة عيدميلاد طفل صغير، وشكراً..
You can follow @BenelAamer.
Tip: mention @twtextapp on a Twitter thread with the keyword “unroll” to get a link to it.

Latest Threads Unrolled: