يُضحكني جدًا من يظن أنه يسخر من أحدٍ بوصفهِ امرأة، وهذا التشبيه في مجتمع ذكوري دلالة انسانية بحتة، هو يعتقد أن كونه ذكرًا إنجاز وميزة، بينما حتى في البغال والحمير ذكور أيضًا.
يعيشُ الذكر الشرقي عُقدةً في الأعضاء التناسلية، منها يفكر ويُحلل ويربط ويتأمل، كائن فارغ الذات، عديم الكيان، ومليء بهاجس الجنس!
ما يعنيهِ نوع جنسك هو لا شيء مُطلقًا، المعنى والقيمة في ذات الانسان، في نِتاجِ عقله، سلوكياته، أخلاقه، مواقفه النبيلة، أما نوع الجنس فليس سوى طبيعة فيسولوجية، لا تُحدد قيمةً ولا ترفعُ قدرًا ولا تحطُّ مكانة.
لكلِّ من يأتي لأي مدافع عن حق المرأة واعتبارها انسان مُستقل بذاته، أو لأي مُنتقد للفكر الذكوري البذيء ويشم أو يسخر احتجاجًا بأنهُ رجل ويحترم المرأة: ما الذي يستفزك إذن إن كنت لست معنيًا؟ ما الذي يُثيرك لتغضب طالما أنت محترم كما تزعم!
لشدّةِ جلافة الذكوري وضحالة عقليته، هذا إن كان له عقل أصلاً، ابتكر معنىً غبيًا للرجولة وراح يروج له للتفاخر، ثم يأتي لوصف الرجل الطبيعي بأنه عديم ذكورة، وهكذا اختصر كمية الغباء المتراكمة فيه.
تصلني العديد من التعليقات الهجومية والمثيرة للسخرية عند الدفاع عن حق الانسان "المرأة" للاستقلال، جميعها تصبُّ إما في انتقاص الذكورة أو تشير لرغبة التحصل على الجنس، وهذا يختزل عقلية الذكوري وعجزه التام عن إدراك معنى الانسان، لأن القيمة التي يرتكز عليها لا تتجاوز العضو التناسلي.
الأمر التافه والبسيط جدًا لاعتبار المرأة انسان طبيعي له كيان وحرية وخصوصية كأيِّ انسان آخر، هو أمر يفهمه الذكوري المسكين إما نقص قدرة جنسية أو تودد للتحصل على الجنس، ثم يُسمي نفسه رجل عاقل وحكيم وله أفضلية، ههه.
الدفاع عن حق المرأة لكونها امرأة لا يعنيني فهي أعلم بنفسها منّي، بل لكونها انسان له حق الحياة والاستقلال، هذا ما لا يستطيع أصحاب الفكر الذكوري فهمه، معنى الانسان ملغي في أذهانهم.
ما إن تتخذ موقفًا انسانيًا في قضية امرأة، يأتون كالحمقى بتعليقاتهم البلهاء وظنونهم السخيفة بأنك لن تتحصل على الجنس، بينما التحصل على الجنس في مرجعيتهم الثقافية أسهل بكثير ولا يحتاج لعناء وجهد، لديهم مئات المسوغات للتحصل الجنسي.
المجتمعات التي لا تعي معنى الانسان ولا تجعله المعيار الرئيس للتقييم والبناء، بعيدًا عن جنسه ومعتقداته وقناعاته، مجتمعات لن تتخلص من أي قضية أخلاقية، ستبقى عالقة في وحلها.
الفكرِ الذكوري يفضح لنفسه حين يحاول الدفاع عن أفكاره، ما إن يرى فكرةً تنتصر لحقِ المرأة كانسان، يثور فورًا ويُفسر هذا الموقف أنه تودد ورغبة جنسية، هو يتعرى دومًا ولا يمكنه إدراك المعنى الانساني للحقوق وقيمتها.
من شدّة تخبط المجتمعات الذكورية وافتقادها لأدنى مقومات التفكير النقدي أنها تعتبر الاحترام الطبيعي للمرأة كانسان وكيان مستقل نقصًا في الرجولة، تصوراتها عن الرجولة مُستمدة من الثيران، مفهومها عن الحياة لا يتعدى المرعى والجنس.